عالم مصري “يضغط الزمن” ويخزن المعلومات في الضوء

محمود جعفر، عالم مصري، يعمل ضمن فريق بحثي كبير في ألمانيا على إنجاز سيشكل نقلة نوعية في عالم التكنولوجيا باستخدام الضوء، وبالفعل تم قطع شوط كبير لتحقيق هذا الإنجاز.

 

والنقلة النوعية المرتقبة هي تخزين المعلومات في ذاكرة حاسبك الآلي أو هاتفك المحمول بصورة ضوئية لا إلكترونية، وسيحقق ذلك سرعة لا متناهية تماثل سرعة الضوء في تحميل المعلومات على أجهزتك الذكية.

 

واحتفلت “نيتشر” كبرى الدوريات العلمية العالمية بما حققه فريق جعفر.

 

ويقول جعفر، القادم من محافظة المنوفية، شمالي مصر، إنه تمكن من تطوير تقنية تستطيع ضغط الزمن والتحكم في الضوء وتوقيفه من أجل استخدامه في حمل المعلومات وتخزينها.

 

ويضيف جعفر في حديثه إلى موقع “سكاي نيوز عربية” إن “ما فعلته أشبه بإشارة مرور داخل شريحة الميكرسكوب تقوم بتعديل الضوء وتطويعه للاستخدامات المعلوماتية المختلفة”.

 

وفقا للمثبت علميا، فإن الضوء سريع للغاية ويمكن أن يسافر ٣٠٠ ألف كيلومتر في الثانية، ولطالما اعتبرت الفوتونات (الوحدة الأساسية للضوء) خيارا بديلا للإلكترونيات، كناقلات للمعلومات في الحوسبة الإلكترونية، بحسب جعفر.

 

ويوضح العالم المصري أن ذلك يعود أيضا إلى أن طيف الضوء يغطي نطاقا واسعا من الأطوال الموجية، ويمكن إرسال الفوتونات ذات الأطوال الموجية المختلفة بالتوازي، وبالتالي مضاعفة معدل البيانات، وكذلك تشكيلها وتغييرها بطريقة يمكّنها من نقل المعلومات في وقت واحد دون تداخل الإشارات الضوئية مع بعضها البعض.

 

مسيرة علمية

 

وتخرج جعفر من كلية العلوم في جامعة المنوفية عام 2008 بتقدير امتياز.

 

وحاصل على الماجستير في الفيزياء من المعهد المتحد للأبحاث النووية في موسكو عام 2012.

 

ولاحقا، نال درجة الدكتوراه في فيزياء الليزر من جامعة ماربورغ بفرانكفورت وكان عمره حينها ٢٨ عاما فقط.

 

ويعمل جعفر (34 عاما) حاليا باحثا في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة هامبورغ للتكنولوجيا بألمانيا.

 

التحكم في الضوء

 

ويركز العالم المصري في أبحاثه على إيجاد حلول للتحكم في المعلومات الضوئية ديناميكيا عن طريق عمليات غير خطية ناتجة عن نبضات ليزر ضوئية متحركة داخل مادة السليكون، بمعنى آخر يقوم بالتحكم في المعلومات الضوئية عن طريق الضوء أيضا.

 

ويضيف جعفر أن التحكم في المعلومات الضوئية أو تشكيلها “ديناميكياً” له استخدامات مهمة في تكنولوجيا الاتصالات الضوئية.

 

فعلى سبيل المثال يمكن عن طريقه تحويل التردد لحزم من المعلومات الضوئية ديناميكياً، وبالتالي نقلها من قناة ترددية إلى قناة ترددية أخرى، مما يساعد في مضاعفه معدل البيانات.

 

ولكن هناك تحديات وعمليات عدة مطلوبة، بحسب جعفر، لإجراء ما يسمى بـ “الحوسبة الضوئية”، بداية من عدم وجود آليات مناسبة للحوسبة المتوازية (Parallel Computing) وكذلك مواد تسمح باستجابات غير خطية معقدة عالية السرعة.

 

إنجاز علمي يتحقق

 

يؤكد العالم المصري: “عن طريق تغيير الخواص الضوئية لمادة السليكون بسرعة الضوء ديناميكياً بالإضافة إلى هندسة “علاقة التشتت” لمادة السيلكون Silicon Waveguide استطعت توضيح كيفية ضغط حزم من المعلومات الضوئية “زمنيا” ونقلها من قناة ترددية إلى قناة ترددية أخرى في وقت واحد، أي قمت بتطوير وتوضيح “عدسة زمنية” تسمح بعدم تداخل الإشارات الضوئية مع بعضها البعض أثناء إرسالها”.

 

وقام جعفر، عن طريق نفس الانتقالات الضوئية السابق ذكرها، بتوضيح كيفية إيقاف حزم البيانات الضوئية زمنياً لفترة معينة، قبل أن يتم تحرير حركتها مرة أخرى.

 

وهذه العملية تسمى علميا “إيقاف الضوء”، ويمكن تشبيهها بإشارة المرور ولكن بالنسبة للضوء، وسيسمح إيقاف الضوء بتخزين المعلومات ضوئيا لوقت معين، أي أنها ستكون بمثابة ذاكرة ضوئية لاستخدامها في أجهزة التوجيه البصري Optical Routers.

 

بالإضافة إلى ذلك قام بتوضيح كيفية عكس الزمن للنبضات الضوئية، وذلك لاسترجاع المعلومات الضوئية مرة أخرى، ويمكن تشبيه ذلك كما لو كنت تشاهد فيديو يعود بالوقت للخلف، وتم تغطية هاتين النقطتين البحثيتين من قبل المعهد الأميركي للفيزياء بحسب ما يشير جعفر.

 

يؤكد جعفر أيضا أن هذه الانتقالات الضوئية التي يقوم بمناقشتها في هذه الأبحاث لن تكون استخداماتها فقط في تكنولوجيا الاتصالات الضوئية المستقبلية، ولكن أيضاً لها أهمية في مجال الفيزياء اللا خطية، وكذلك توضيح بعض الظواهر الفيزيائية داخل شرائح ميكرمترية مثل تأثير دوبلر Doppler Effect، كذلك أفق الحدث Event Horizon والذي يستخدمه علماء الفيزياء النظرية لوصف محيط الثقوب السوداء.

 

والمثير أيضا وفقا لجعفر أنه يمكن تطبيق تقنيات هذه الأبحاث لتحويل التردد للفوتونات الفردية (Single Photons)، وبالتالي سيكون لها دور مهم في الاتصالات الكمومية (Quantum Communications) في المستقبل، وهي اتصالات غير قابلة للاختراق، لكونها تستفيد من فيزياء الكم لحماية البيانات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى