أحمد أبو الغيط .. “مهمة مقدسة” بالجامعة العربية
“اعتبرها مهمة مقدسة”.. هكذا أكد أحمد أبوالغيط، عقب إعادة الثقة فيه كأمين عام للجامعة العربية لدورة جديدة، خلال جلسة تشاور، الأربعاء.
أبو الغيط، أعرب كذلك، خلال كلمته في أعمال الدورة العادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، عن عميق الشكر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسى، الذي أعاد ترشيحه مرة أخرى لهذه المهمة، وكذلك لملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية الذين وضعوا الثقة في شخصه.
وأعاد الرئيس عبد الفتاح السيسى ترشيحه لولاية ثانية تستمر لـ 5 سنوات مقبلة، بعد أن تنتهي المدة الحالية في يونيو 2020، ما يؤكد ثقة القيادة السياسية المصرية الكاملة فى قدرة وكفاءة الرجل لقيادة الجامعة العربية لدورة ثانية، في ظرف دقيق من تاريخ الأمة العربية.
وسعى “أبو الغيط” الملقب بـ”الأمين المحافظ”، دائما للعمل على تعزيز العمل العربي المشترك، ومحاولة تقليص مساحات الخلاف، وزيادة مساحات التوافق بين الدول العربية، والعمل المشترك الفعال بينها، في ظروف تمر بها الأمة العربية، وصفها أبو الغيط في حديث سابق بـ”الخطيرة”.
وقال مراقبون إن “إدارة أبو الغيط في ولايته الأولى اتسمت بالوعي والحكمة في مرحلة كانت مليئة بالأخطار وبالتحديات، فكانت رؤيته الحاكمة أن القضايا العربية واحدة ومترابطة ومتشابكة، ولا يمكن النظر لكل قضية بعيدة عن القضايا الأخرى التي تلم بالإقليم العربي، وهي رؤية جديدة وتشخيص بآليات ومعارف”.
وكان الدبلوماسي المصري شاهد عيان على جميع التحولات الكبيرة التي شهدها العالم والإقليم العربي في نصف القرن الأخير.
وعلى مدار مسيرته كوزير أسبق للخارجية المصرية، وأمين عام للجامعة العربية كان لـ”أبو الغيط” مواقف وتصريحات بارزة، عكست حرصه على المصلحة العربية، ووعيا بالتحديات والمخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي.
وخلال تولى تنظيم الإخوان الإرهابي حكم مصر، تحدث “أبو الغيط” في تصريحات إعلامية أن فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي ألحقت أضراراً كبيرة بالسياسة الخارجية لمصر لأنه انطلق في تنفيذ سياسة خارجية، على أساس مناهج أيديولوجية”.
كما روى في تصريحات سابقة، أن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، قال لرئيس الحكومة المصري الأسبق أحمد نظيف في زيارة للأخير إلى واشنطن إنه “رغم علمنا بأن الإخوان جماعة إرهابية، لكن يجب أن تقوموا بإشراكها في الحكم”.. وهو ما وصفه أبو الغيط بـ”الأمر العجيب والغريب”.
وفي أبريل2019 أكد أبو الغيط في تصريحات تلفزيونية أن “جماعة الإخوان الإرهابية هي الأب الروحي لكل التنظيمات الإرهابية”.
كما قاد أبو الغيط موقفا رافضا بشدة للحل الأمريكي المطروح المسمى بـ”صفقة القرن”، وأكد رفض العرب لها.
ونالت القصية الفلسطينية نصيب كبير من مواقفه وتصريحاته، والتي شهدت مساندة بالغة.
ومن أهم مواقفه رفضه الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث صرح أن مصر حذرت حركة حماس منذ فترة طويلة بأن إسرائيل ستقوم بالرد بأسلوب قوي على هجماتها، كما حمل حماس مسؤولية ما يحدث وذلك لأنها لم تأخذ التحذيرات على محمل الجد.
واعتبر أن التحركات الإسرائيلية بشأن احتمال ضمها لأجزاء من الضفة الغربية في الأغوار وشمال البحر الميت “مرفوضة ومُدانة”.
وخلال عمله وزيرا لخارجية مصر، قامت القاهرة برعاية جولات الحوار الفلسطيني فبراير 2009 بهدف إنهاء الانقسام الذي تشهده الساحة الفلسطينية منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة.
وإضافة إلى العمل الدبلوماسي، للأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط قدم كتابين، هما “شاهد على الحرب والسلام”، و”شهادتي:السياسية الخارجية المصرية 2004-2011”.
أبو الغيط في سطور
تولى أحمد أبو الغيط حقيبة وزارة الخارجية المصرية منذ يوليو 2004 وحتى مارس2011، حتى رشحته مصر ليتولى منصب الأمين العام للجامعة العربية لـ5 سنوات خلفا للأمين العام الدكتور نبيل العربي.
وأبو الغيط من مواليد 1942، وحصل على بكالوريوس تجارة من جامعة عين شمس عام 1964 وبعد تخرجه بعام التحق بوزارة الخارجية المصرية، ليبدأ رحلة طويلة من العمل الدبلوماسي الشاق استغرقت نحو 45 عاما حيث تنقل الدبلوماسي المصري خلال عمله بين سفارات بلاده في العديد من دول العالم،
رحلة أبو الغيط بدأت كسكرتير ثالث في سفارة مصر بقبرص عام 1968 حتى 1972. وعين في 1972 عضوًا بمكتب مستشار رئيس الجمهورية للأمن القومي، ثم عمل سكرتيرًا ثانيًا بوفد مصر لدى الأمم المتحدة لمدة عامين. وترقى إلى درجة سكرتير أول في عام 1977 لمكتب وزير الخارجية.
وفي 1979 جرى تعيينه مستشارًا سياسيا بالسفارة المصرية في العاصمة الروسية موسكو، وعاد للوزارة من جديد عام 1982 لتولي منصب المستشار السياسي الخاص لوزير الخارجية، وعام 1984 عين مستشارًا سياسيًا خاصًا لرئيس الوزراء.
ومنذ عام 1984، تدرج “أبو الغيط” في المناصب، حيت تم تعيينه كمستشار بوفد مصر لدى الأمم المتحدة عام 1985، ثم مندوب مناوب لمصر لدى الأمم المتحدة.
وفي عام 1991، عين مديرًا لمكتب وزير الخارجية، ثم سفير لمصر لدى إيطاليا ومقدونيا وسان مارينو وممثلًا لمصر لدى منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة “الفاو”.
وفي 1996 عين مساعدًا لوزير الخارجية، وبعد 3 سنوات عين بمنصب مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة.
وترأس الدبلوماسية المصرية كوزير للخارجية عام 2004 وحتي عام 2011.
ورشحته بلاده في منصب الأمين العام للجامعة العربية، عام 2016 حتى يونيو 2021.
جراح ماهر
وفي تشخيص بليغ لواقع العالم العربي وأزمته، يرى “أبو الغيط” أن “الأمن القومي العربي ما زال يجري التعامل معه بمنطق التجزئة إلى ملفات؛ فهناك ملف لمكافحة الإرهاب، وآخر لاستمرار “الاحتلال الإسرائيلي”، وثالث للخطر الإيراني، ورابع للأطماع التركية، وخامس لأزمات اللاجئين وإعادة الإعمار.. وهكذا.
ومثل “الجراح الماهر”، يقول أبو الغيط فى تشريح وفهم القضايا والتحديات العربية : “رغم توفر قدر أكبر من التوافق بين الدول العربية الرئيسية في تعيين التهديدات المشتركة، وبرغم ما تحقق على صعيد مواجهة بعض من هذه التهديدات الخطيرة وعلى رأسها خطر تنظيم داعش، الذي جرى دحره في المدن التي كان يسيطر عليها، إلا أنه لا يمكن القول بأن ثمة “استراتيجية موحدة” للتعامل مع التهديدات.
وأكد في هذا الصدد أن حوارا صريحا بين الدول العربية حول الأزمات والتهديدات، داخلية كانت أم إقليمية أم دولية، هو السبيل الوحيد لتشكيل موقف موحد وصلب يضع العرب في موضع القوة إزاء الآخرين من الطامحين والطامعين.
وزاد “العروبة هي الفكرة الوحيدة التي يمكن أن تجمع شمل جميع المدافعين عن الدولة الوطنية في مواجهة جماعات الإرهاب، ومروجي الخراب، وأنصار الطائفية وأصحاب الدعاوى الانفصالية”.
ولعل أبرز ما يميز الأمين العام للجامعة العربية، نظرته الإيجابية لكل الأمور، رغم جميع التحديات التي تواجه الأمة العربية.
فيقول أبو الغيط في تصريح سابق: “المشهد العربي، كما أراه في شموله، ليس كله خرابا وإحباطا.. ثمة دلائل وإشارات، هنا وهناك، على توفر الإرادة لدى الكثير من القيادات والنخب والشعوب على الخروج من “المأزق الحضاري”، الذي نعيشه، ونكابد تبعاته المرة”.