أبو الغيط يدعو مجلس الأمن والأمم المتحدة إلى إقامة شراكة عمل استراتيجية مع العرب
دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط مجلس الأمن وأجهزة الأمم المتحدة الأخرى المعنية، إلى إقامة شراكة عمل استراتيجية مع الجامعة العربية ودولها الأعضاء، بغية إرساء دعائم الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة العربية، انطلاقا من الفهم الأصيل للمشكلات التي تعاني منها المنطقة، وتأسيساً على المسئولية الأساسية التي تتحملها المنظومة الأممية في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين.
جاء ذلك في كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية أمام جلسة مجلس الأمن رفيعة المستوى، حول التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية في حفظ السلم والأمن الدوليين.
وقال أبوالغيط – وفقا لبيان عن الأمانة العامة للجامعة اليوم: لقد جاءت جائحة كورونا لتضرب منطقتنا العربية المثقلة أصلاً بالحروب والنزاعات المسلحة واللاجئين والنازحين داخلياً وغيرها من التحديات الهيكلية التي تمس أمن واستقرار العديد من دولها، وهو ما يستوجب علينا جميعاً أن نضاعف من جهدنا، وعملنا التكاملي، في سبيل معالجة جذور هذه الأزمات، ووضع حد للقتال الذي يمزق النسيج المجتمعي للدول الواقعة في الصراع، فضلاً عن تعظيم التضامن الدولي للتعامل مع تداعيات الجائحة وكل ما خلفته من خسائر بشرية واقتصادية واجتماعية.
وأضاف: إننا نقدر عالياً كل جهد يرمي إلى الارتقاء بمستوى العلاقة مع مجلس الأمن الدولي، ونثمن كل نشاط مخلص يقر ويدفع بمفهوم العمل التكاملي بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية المعنية بالحفاظ على السلم والأمن في مناطقها الجغرافية، بما في ذلك جامعة الدول العربية.
وأوضح أن جلسة اليوم تنعقد في أعقاب الجلسة الأخرى رفيعة المستوى التي ترأستها الجمهورية التونسية في يناير الماضي بخصوص التعاون بين المجلس والجامعة العربية؛ كما تأتي متابعةً للحوار الذي استضافه السكرتير العام للأمم المتحدة في نوفمبر الماضي مع رؤساء المنظمات الإقليمية، والذي نشكره على جهوده المخلصة في دفع أجندة السلام والاستقرار والتنمية في مختلف أرجاء العالم، بما في ذلك في منطقتنا العربية.
واعتبر ابو الغيط أن جلسة اليوم تأتي وسط أجندة مشتركة مليئة بالأزمات ومثقلة بالتحديات، وهي أجندة ازدادت تعقيداً بسبب تفشي جائحة كورونا، وأن هذه الظروف الاستثنائية فرضت أعباء هائلة على دولنا ومجتمعاتنا، وأضرت كثيراً بحالة الأمن والاستقرار في العديد من المواقع الهشة أصلاً أو العرضة للاضطراب.
وتحدث عن الأزمة السورية قائلا: لقد دخلت الحرب في سوريا عامها العاشر، وتستمر معاناة الشعب السوري جراء القتال واللجوء والنزوح والتدخلات الخارجية والإقليمية غير المسبوقة في هذا البلد العربي المهم؛ ونعي جميعاً أن فرص إخراج سوريا من هذه الدوامة المفزعة من الصراع سوف تظل تتآكل مع مرور الوقت، وأن تكلفة إعادة إعمار ما دمرته الحرب سوف تزداد يوماً بعد يوم، وأن مخاطر امتداد الاضطراب إلى دول الجوار ستبقى قائمة ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية جذرية ومتكاملة لهذه الأزمة.
وأشار إلى أن الشعب اليمني يعاني أيضا من مأساة إنسانية أصبحت الأكبر على مستوى العالم، بسبب تعنت جماعة الحوثي ورفضها كل محاولات التسوية التي قُدمت على مدار السنوات الماضية وآخرها المبادرة السعودية المدعومة عربياً، ونتيجة للتدخلات الإقليمية التي جعلت من اليمن منصة لتهديد أمن جيرانها في الخليج ومرافق الطاقة والممرات البحرية في المنطقة.
وحول الوضع في ليبيا، قال أبو الغيط إننا نشعر في المقابل بقدر من التفاؤل نتيجة للتطورات الإيجابية في الملف الليبي، منذ التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، واختيار السلطة التنفيذية الجديدة، والاستقرار على موعد الانتخابات الوطنية نهاية العام الجاري؛ وأثق أنه يمكن لنا بذل مزيد من الجهود المشتركة لمرافقة الأشقاء الليبيين في هذه المسيرة، عبر عملنا المتناسق مع البعثة الأممية، وأيضاً من خلال المجموعة الرباعية التي سأتشرف بالدعوة إلى اجتماع لها باكر على مستوى قيادات الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحادين الإفريقي والأوروبي.
وجدد أبو الغيط التزام الجامعة العربية بدعم جهود الأمن والاستقرار والتعافي في الصومال، ودفع كل ما يفضي إلى إخراج البلاد من الوضع السياسي الذي تمر به؛ معربا عن تطلعه إلى الارتقاء بالعمل المشترك مع المجلس؛ لدعم عملية الانتقال المهمة في السودان، وتثبيت اتفاق جوبا للسلام بين الحكومة والحركات المسلحة.
وبالنسبة للقضية الفلسطينية، قال إنها ستظل وقبل كل شيء، تحتل الأولوية بالنسبة للجامعة العربية وأجندة العمل العربي المشترك؛ ولا يسعني هنا سوى أن أؤكد على المسئولية الأصيلة لهذا المجلس في التوصل إلى سلام عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عبر الارتكاز على حل الدولتين، وإنفاذ كافة القرارات التي سبق أن اعتمدها المجلس نفسه بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ورفض الأنشطة الاستيطانية التي تعتبر كلها مدانة ومخالفة للقانون الدولي، وإعادة العملية السياسية إلى مسارها المنشود لفتح الأفق أمام الفلسطينيين نحو الحرية والاستقلال.
وجدد أبو الغيط، في الختام، تقديره لمبادرة مجلس الأمن بتنظيم هذه الجلسة، معربا عن ترحيبه الكامل بالبيان الرئاسي الذي توافق المجلس عليه بخصوص تعظيم العمل المشترك مع المنظمات الإقليمية، وهو المنهج الذي ستظل الجامعة تلتزم بدفعه في معالجتها للأزمات والقضايا المدرجة على أجندتنا المشتركة.