“الشرْشم” الجزائري.. أكلة فأل الخير انتظارا لأشجار مثمرة
مع احتفالات أمازيغ الجزائر برأس السنة الأمازيغية كل عام، تبرز عادات وتقاليد مختلفة معظمها مستمدة من التراث الشعبي منذ مئات السنين.
هذه العادات لا تزال أمازيغ الجزائر تحافظ عليها، وتتكشف مع “يناير” أن لكل عادة قصة تاريخية في كل تفاصيل تلك الاحتفالات المميزة التي تعبر عن هوية هذا الشعب العربي والأمازيغي.
ومن بين تلك العادات القديمة التي لها قصة تمتد لمئات السنين، توجد أكلة “الشَّرْشَم” الذي يختص به الشاوية الأمازيغ، الذين يعدون أكبر تعداد سكاني بين كل أمازيغ الجزائر، ويتمركزون في المحافظات الشرقية.
واللافت أن طبق “الشَّرْشَم” موجود في عدة ولايات جزائرية، وتختلف طريقة تحضيره من منطقة لأخرى، حتى إن مكوناته مختلفة تماماً مثل الفول والحمصفي بعض المناطق فيما يبقى اسم الأكلة موحدا.
أما أكلة “الشَّرْشَم” الشاوية فهي من الأكلات القديمة جدا في هذه المنطقة الغنية بتراثها، وتصنع من حبات القمح أو الذرة.
ويسمى باللهجة الشاوية المحلية “إرشمن” أو “إراشمن”، هذا ما كشفته لـ”العين الإخبارية” “زينب” إحدى سكان منطقة “بوزينة” بولاية باتنة الشاوية شرقي الجزائر.
“زينب” روت لـ”العين الإخبارية” قصة أكلة “الشَّرْشَم” التي يحرص الشاوية في الجزائر على تحضيرها بمناسبة رأس السنة الأمازيغية “يناير” منذ القدم.
وذكرت بأنه كان منذ القدم “فأل خير لعام فلاحي مثمر”، حيث كانوا ولازالوا يضعونه تحت الأشجار.
وفي معتقداتهم فإن ذلك يعني “عاماً أخضر” وأن “الشجار تثمر” ويكون المحصول وفيرا، وهي المنطقة الفلاحية المشهورة بأشجار التفاح والمشمش والجوز والتين الشوكي وغيرها.
كما يحرص الشاوية على تحضير أكلة “الشَّرْشَم” مع دخول فصل الربيع، وفي مناسبات النجاح والأفراح كما يتم تحضيره في صباح يوم الزفاف، ما يؤكد بأن هذا الطبق “يجلب الخير” في المعتقدات القديمة لأهل الشاوية الأمازيغ بالجزائر.
وتحضر النساء “الشاويات” في الجزائر أكلة “الشَّرْشَم” بترديدها أغانٍ ومدائح دينية من التراث الشاوي التقليدي، دلالة على أنها أكلة مخصصة للفرح.
ولتحضير أكلة “الشَّرْشَم” طريقة وطقوس خاصة، وبعد تصفية حبات القمح أو الذرة من الشوائب، يتم طهيه في الماء والملح لمدة 10 دقائق.
والملاحظ أن طريقة تحضير هذه الأكلة لا يختلف فقط من مدينة لأخرى، بل حتى من قرية لقرية أو من عرش لآخر.
وأبرز طريقة لإعداده، هي تلك التي يتم فيها إضافة مع يعرف بـ”الغرس” أو معجون التمر لحبات القمح أو الذرة المغلاة في الماء والملح، بالإضافة إلى ما يعرف بـ”الروينة”، وهي طحين من القمح والتمر الجاف، ويضاف لها كمية من الزبدة.
فيما تكون أكلة “الشَّرْشَم” في مناطق أخرى بما يعرف أيضا عند الشاوية بـ”الخليع” أو “الكديد” وهو لحم الخروف المجفف والمملح ومع مرق حمراء.
ومن عادات الشاوية أيضا أن يتوجه أهلها في اليوم الموالي لسقي الماء، وهي عادة مميزة عندهم، حيث يرتدي الأطفال ألبسة جديدة قبل ذلك، دلالة أيضا على بداية عام جديد بألبسة جديدة.