مكتبة الملك عبد العزيز.. منارة المعرفة العربية والإسلامية في عصر الرقمنة

في قلب العاصمة الرياض، تُشعّ مكتبة الملك عبد العزيز العامة بنور المعرفة، مُسلّطةً الضوء على كنوز التراث العربي والإسلامي. من خلال برامجها الثقافية المتنوعة، تعمل المكتبة على إحياء الموروث اللغوي والأدبي والفني، وتقديمه بقالب عصري يناسب روح العصر، لتُشكّل بذلك سرديةً ثرية تُغذي وعي الإنسان العربي وتُثري رؤيته الفكرية.
إصدارات معرفية ثرية
تُواصل المكتبة مسيرتها في إثراء المكتبة العربية، حيث تجاوز عدد إصداراتها هذا الشهر 700 إصدار، مُتنوعةً بين الكتب العربية والمُترجمة، بالإضافة إلى كتب بلغات عالمية وكتب مُخصصة للأطفال. وتأتي هذه الجهود في إطار استراتيجيتها الثقافية الهادفة إلى تعزيز مكانة الكتاب كمصدرٍ رئيسي للمعرفة، وتسويق ثقافة القراءة بين مختلف فئات المجتمع. وقد تجلّى ذلك بوضوح في مشروعها الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب، ومبادرة حافلات مصادر التعلم التي جابت القرى والهجر والحدائق العامة في أرجاء المملكة، حاملةً معها نور المعرفة.
التراث العربي والإسلامي.. ركيزة أساسية
تُولي مكتبة الملك عبد العزيز العامة اهتمامًا خاصًا بالتراث العربي والإسلامي، حيث تُشكّل المقدسات الإسلامية والقضايا التاريخية والثقافية للعالمين العربي والإسلامي ركيزةً أساسيةً من عملها. وتضم المكتبة مجموعةً ضخمةً من الكتب والمخطوطات والخرائط والعملات النادرة التي تُوثّق تاريخ وثقافة هذه الحضارة العريقة. فعلى سبيل المثال، تقتني المكتبة أكثر من 8000 مخطوط و35 ألف كتاب نادر، بالإضافة إلى 700 خريطة نادرة للجزيرة العربية، بعضها مكتوب باللغات اللاتينية القديمة. كما تضم المكتبة أكثر من 8000 عملة نادرة من مختلف العصور الإسلامية، مصنوعة من الذهب والفضة والبرونز.
فلسطين والقدس.. في قلب الاهتمام
تحتفظ المكتبة بمجموعةٍ قيّمةٍ من المصادر والمراجع التي تُوثّق التراث الديني والفكري والأدبي. وقد أصدرت العديد من الكتب التي تُسلّط الضوء على جماليات التراث في المملكة، بما في ذلك أكثر من 20 كتابًا مُصورًا عن آثار المملكة وتقاليدها. كما تُولي المكتبة اهتمامًا خاصًا بفلسطين والقدس والمسجد الأقصى، حيث تضم أكثر من 9000 مادة مُتنوعة حول هذا الموضوع، بما في ذلك وثائق وكتب نادرة باللغتين العربية والإنجليزية. ومن أبرز إصدارات المكتبة في هذا المجال كتاب “الأقصى”، وهو كتابٌ ضخمٌ مُصوّر يُوثّق جميع تفاصيل المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في القدس.
جائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة.. جسور التواصل الثقافي
إيمانًا منها بأهمية الترجمة في تعزيز التواصل بين الثقافات، أطلقت المكتبة جائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة في عام 2006. وقد استضافت هذه الجائزة دوراتها في العديد من عواصم العالم، بمشاركة 80 دولة عربية وأجنبية، ووصل عدد الأعمال المرشحة فيها إلى أكثر من 1700 عمل مُترجم إلى 45 لغة.
السياحة الثقافية.. استقطاب الزوار من مختلف أنحاء العالم
انطلاقًا من دورها كوجهةٍ ثقافيةٍ بارزة، تعمل المكتبة على استقطاب الزوار من مختلف أنحاء العالم. وقد استقبلت المكتبة وفودًا من دولٍ عديدة، بما في ذلك الصين وإيطاليا وفرنسا، بالإضافة إلى وفود عربية. كما زار المكتبة عددٌ كبيرٌ من رؤساء المتاحف والعلماء والمتخصصين في علم اللغة.
الفهرس العربي الموحد.. إنجاز ثقافي بارز
يُمثّل مركز الفهرس العربي الموحد، الذي أطلقته المكتبة في عام 2007، إنجازًا ثقافيًا بارزًا. وقد ساهم هذا المركز في توحيد العمل المكتبي في 22 دولة عربية، حيث يضم 134 عضوًا من مختلف المكتبات الوطنية والأكاديمية والمتخصصة. وقد نجح الفهرس في بناء أكبر قاعدة ببليوجرافية للإنتاج العربي، حيث يبلغ عدد تسجيلات الفهرسة المنقولة 3 ملايين تسجيلة، وعدد تسجيلات المكتبة الرقمية 137 ألف تسجيلة.
استراتيجية ثقافية طموحة
تُواصل مكتبة الملك عبد العزيز العامة مسيرتها الطموحة في نشر المعرفة والثقافة، من خلال برامجها وفعالياتها المتنوعة. وتُقدّم المكتبة خدماتها للدارسين والباحثين، وتُولي اهتمامًا خاصًا بالجوانب التقنية وبرامج الرقمنة، بما يخدم الفضاء البحثي والتنويري.