معركة جنيف: هل ينتصر العالم على وحش التلوث البلاستيكي؟

في مشهدٍ يُذكّر بمعاركٍ كبرى، اجتمع ممثلو نحو 180 دولة في جنيف تحت مظلة الأمم المتحدة، في جولة جديدة من المفاوضات الشاقة، أملاً في وضع أول معاهدة عالمية لمكافحة التلوث البلاستيكي، ذلك الوحش الذي يهدد صحة الكوكب وسكانه.
مفاوضات حاسمة في ظل تحديات جيوسياسية
يعقد هذا المؤتمر، الذي انطلق الثلاثاء ويستمر لعشرة أيام، في ظل توترات جيوسياسية وتجارية متصاعدة، ما يزيد من صعوبة المهمة. تأتي هذه الدورة الإضافية من المفاوضات الحكومية الدولية (CIN5-2) بعد فشل جولة بوسان في كوريا الجنوبية في ديسمبر الماضي، حيث حالت بعض الدول دون إحراز أي تقدم يُذكر. لكن، هل ستُكتب لجنيف نهاية سعيدة لهذه المعركة؟
الأطفال.. الحلقة الأضعف في مواجهة التلوث
في خضم هذه التطورات، أطلق خبراء ومنظمات غير حكومية صرخات تحذير، مُشدّدين على خطورة التلوث البلاستيكي على الصحة، خاصةً صحة الأطفال. وأكد تقريرٌ نُشر في مجلة «ذي لانسيت» الطبية أن هذا التلوث يُشكّل خطرًا جسيمًا ومتزايدًا، مُقدّرًا تكلفته العالمية بما لا يقل عن 1.5 تريليون دولار سنويًا. وحذّر الدكتور فيليب لاندريغان، الباحث في كلية بوسطن بالولايات المتحدة، من أن الأطفال، باعتبارهم الفئة الأكثر ضعفًا، هم الأكثر تضررًا من هذه الآفة.
بين دعوات الحظر ومنافع البلاستيك.. معركة على أكثر من جبهة
وفيما يدعو ناشطون بيئيون إلى حظر استخدام بعض المواد البلاستيكية، دافع آخرون عن أهميتها للمجتمعات الحديثة. فقد أكد ماثيو كاستنر، المتحدث باسم المجلس الأميركي للصناعة الكيميائية، أن البلاستيك «أساسي للصحة العامة»، مُشيرًا إلى استخدامه في المعدات الطبية، والأقنعة الجراحية، والتغليفات التي تُعزز النظافة والسلامة الغذائية. بين هذه الآراء المتباينة، يبقى السؤال المُلحّ: هل ستتمكن دول العالم من التوصل إلى اتفاقٍ تاريخي يُنقذ الكوكب من براثن التلوث البلاستيكي؟
دعوات لـ”انتقال عادل” نحو اقتصاد مُستدام
وسط هذه المعركة، تتعالى الأصوات المُطالبة بـ«انتقال عادل» نحو اقتصادٍ مُستدام. وترى سيما برابهو، من منظمة «تراش هيرو وورلد» غير الحكومية، أن الأولوية يجب أن تكون لتخفيض إنتاج البلاستيك، مع التركيز على إيجاد فرص عمل في مجالات إعادة التدوير وجمع النفايات، لضمان عدم تضرر العاملين في صناعات البتروكيماويات.