كارثة قطار مطروح: مشاهد مروعة من قلب الحادث

خيم الحزن على مدينة الضبعة بمطروح، صباح الأحد، بعد انتهاء أعمال رفع القطار المنقلب، مخلفًا وراه مشهدًا مأساويًا لثلاث وفيات و103 إصابات. تتوزع العربات على امتداد الخط الحديدي، شاهدة على فاجعة إنسانية هزت قلوب المصريين.
مشاهد مروعة من قلب الحادث
من الخارج، تبدو العربات مائلة، غارقة في اعوجاج يكشف عن قوة الارتطام. أما من الداخل، فرصدت «المصري اليوم» بقايا حياة انقطعت فجأة، وملامح خوف على المقاعد المحطمة والجدران الملوثة بالدماء.
في العربة الأولى، الأبواب مائلة ومتهشمة، والزجاج المتناثر يغطي الأرضية. آثار الأقدام الموحلة تختلط ببقع الدم المتيبسة في الممر الضيق، والحذاء المتروك في المنتصف يشير إلى لحظة هروب مرتبكة.
أما العربة الثانية، فالمشهد أكثر قسوة. المقاعد المبطنة تحولت إلى هياكل معدنية مكشوفة، والخدوش على الجدران تحكي محاولات يائسة للتشبث أو الخروج. الحقائب متناثرة، والملابس متناثرة حولها، كأن أصحابها غادروا على عجل.
في العربة الرابعة، تظهر آثار الدخان على الجدران، والسقف المعدني يعاني من اعوجاج واضح. الإضاءة الطبيعية عبر النوافذ المحطمة هي المصدر الوحيد للرؤية.
عربة الموت.. آثار مأساوية
في العربة الخامسة، علقت حقيبة سفر سوداء كبيرة، وبداخلها ملابس مطوية بعناية، أصبحت جزءًا من فوضى الحادث. المقاعد الأمامية تحمل آثار ارتطام شديد، يشير إلى قسوة الإصابات في هذه المنطقة.
العربة الأخيرة، التي أطلق عليها الركاب «عربة الموت»، كانت الأكثر تضررًا. الدماء امتزجت بالزجاج المكسور على المقاعد والأرضية، وبقايا الأحذية المختلفة تحكي قصة كل راكب لم يكمل رحلته.
الصمت يخيم على القطار، لا يُسمع سوى احتكاك الرياح بالمعدن الممزق وخطوات المحققين وهم يجمعون الأدلة.
شهادات الناجين.. لحظات الرعب
روايات الناجين ترسم صورة مرعبة للحظات الأولى للحادث. اهتزاز قوي، انفصال العربات، ثم انقلابها الواحدة تلو الأخرى. «كنا بنطلع الجثث والمصابين من تحت القطر»، قال أحد الشهود، مشيرًا إلى مكان تحطم أرضية إحدى العربات.
أصوات الصراخ والحديد المتكسر تعالت، والركاب يتدافعون عبر الفتحات الضيقة هربًا من العربات المظلمة.
ساعد الأهالي سيارات الإسعاف في نقل المصابين، وسيارات خاصة تحولت إلى وسيلة إنقاذ بديلة في ساعات الليل الأولى.
تحقيقات النيابة.. البحث عن الأسباب
تواجد اللواء خالد شعيب، محافظ مطروح، في موقع الحادث لمتابعة التطورات، وانتشرت قوات الدفاع المدني حول القطار المنكوب. تولّت فرق المعمل الجنائي أعمال المعاينة، محاطة بعناصر الشرطة.
جرى التحفظ على جهاز الـ«ATC» من داخل القطار، وسُحبت العربتان المتضررتان للفحص الفني. الروايات الأولية أشارت إلى «مطب هوائي»، لكن الفريق كامل الوزير، وزير النقل، أكد أن حالة السكة ممتازة، والقطار جديد. التحقيقات وحدها ستكشف الأسباب.
حتى عصر الأحد، استمرت أعمال إصلاح القضبان ورفع الحطام. ركز فريق المعمل الجنائي معاينته على «عربة الموت»، جامعًا عينات من الزيوت والشحوم والتربة لفحصها معمليًا، وموثقًا كل تفصيلة في محاولة لكشف ملابسات الكارثة.