رحيل البابا فرنسيس.. حزن العالم على أيقونة السلام والمحبة

كتب: مايكل فهمي
في صدمة هزت العالم، رحل البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، تاركًا إرثًا ضخمًا من السلام والمحبة والتسامح. البابا الأول من خارج أوروبا منذ أكثر من ألف عام، والأول من الرهبنة اليسوعية، ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية والعالم أجمع. مسيرة حافلة بالمواقف الإنسانية، بدءًا من معارضته للسياسات الظالمة في الأرجنتين، وصولًا إلى دعواته المتكررة للسلام في الشرق الأوسط.
مواقف سياسية فارقة قبل الكرسي البابوي
حتى قبل توليه الكرسي البابوي، كان خورخي ماريو بيرجوليو، اسمه قبل البابوية، معروفًا بمواقفه الجريئة. عارض بشدة سياسات الحكومة الأرجنتينية في عام 2001، منتقدًا تعاملها مع المتظاهرين، ودافع عن حقوق المزارعين داعيًا لدعم الريف. وفي 2010، تصدى بقوة لقانون زواج المثليين، داعيًا لحماية حقوق الحياة منذ الحمل، والتمسك بمبادئ الكنيسة الكاثوليكية.
مدافع عن حقوق الإنسان وبيئة سليمة
لطالما استنكر البابا فرنسيس السياسات التي تؤدي إلى الفقر وعدم المساواة، واعتبرها انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان. كما أدان الاستغلال الجائر للموارد الطبيعية، داعيًا الجميع إلى أن يكونوا حراسًا للطبيعة. مواقفه البيئية كانت واضحة وجريئة، محذرًا من مخاطر التغير المناخي وآثاره الكارثية على الكوكب.
إصلاح العلاقات مع الأزهر الشريف
بعد قطيعة دامت خمس سنوات، نتيجة خلافات مع البابا السابق بنديكت السادس عشر، نجح البابا فرنسيس في إعادة العلاقات الأخوية مع الأزهر الشريف. في عام 2016، استقبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في لقاء تاريخي، ممهّدين الطريق لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي عام 2019، لتعزيز السلام العالمي والعيش المشترك.
صوت مناصر للقضية الفلسطينية
كان البابا فرنسيس صوتًا قويًا مدافعًا عن الشعب الفلسطيني، ومنتقدًا للسياسات الإسرائيلية. ندد باستمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، ووصفها بالإبادة الجماعية، مما أثار استنكارًا إسرائيليًا. دعا إلى تحقيق دولي في الممارسات الإسرائيلية، مؤكدًا على حق الفلسطينيين في دولة مستقلة. الرئيس الفلسطيني محمود عباس نعى البابا فرنسيس، واصفًا إياه بـ”الصديق المخلص للشعب الفلسطيني”.
إرث خالد من السلام والتسامح
رحيل البابا فرنسيس ترك فراغًا كبيرًا في قلوب الملايين حول العالم. إرثه من السلام والتسامح والمحبة سيبقى خالدًا، ملهمًا للأجيال القادمة. الآن، تتجه الأنظار إلى الفاتيكان، ترقبًا لاختيار خليفته، في مهمة شاقة لملء الفراغ الذي تركه هذا البابا الاستثنائي.