الرسوم الجمركية الأمريكية تُثقل كاهل الشركات الصغيرة

تئن الشركات الأمريكية الصغيرة، التي لطالما كانت قاطرة التوظيف في الولايات المتحدة، تحت وطأة الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فقد باتت هذه الشركات، التي تُشكل عصب الاقتصاد الأمريكي، تواجه صعوبات متزايدة في الامتثال للرسوم الجديدة، ما يضيف أعباءً مالية ضخمة على كاهلها.

الرسوم الجمركية ضربة مزدوجة للشركات الصغيرة

شكّلت الرسوم الجمركية الأخيرة، التي تراوحت بين 10% و50%، ضربة موجعة للشركات الصغيرة. فإلى جانب ارتفاع تكاليف الواردات، زادت المتطلبات الإدارية من قبل هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، ما عقّد إجراءات الاستيراد. كما ارتفعت قيمة الضمانات الجمركية التي يتعين على الشركات شراؤها من شركات التأمين، لضمان تحصيل الحكومة لإيرادات الرسوم والضرائب وأي غرامات محتملة.

الشركات الصغيرة تعاني في ظل النظام الجديد

على عكس الشركات الكبرى التي تمتلك الموارد اللازمة للتعامل مع هذه التغييرات، تجد الشركات الصغيرة صعوبة بالغة في التأقلم مع النظام الجديد. فغالبًا ما تفتقر هذه الشركات إلى فرق امتثال داخلية أو بنية تحتية متخصصة لتحليل التأثير ووضع خطط للتكيف، كما أوضحت إيرين ويليامسون، نائبة رئيس قسم التخليص الجمركي الأمريكي في شركة «جيو ديس» الفرنسية للخدمات اللوجستية.

تقديرات غرفة التجارة الأمريكية: خسائر فادحة للشركات الصغيرة

تشير تقديرات غرفة التجارة الأمريكية إلى وجود ما يقرب من 236 ألف شركة صغيرة مستوردة في الولايات المتحدة، أي الشركات التي يقل عدد موظفيها عن 500 موظف. وبلغت قيمة واردات هذه الشركات في عام 2023 أكثر من 868 مليار دولار. وتُقدّر الغرفة أن الرسوم الجديدة ستُكلف هذه الشركات مجتمعة 202 مليار دولار سنويًا، أي ما يعادل نحو 856 ألف دولار لكل شركة.

المستهلك الأمريكي يتحمل جزءًا من العبء

أشار محللو بنك «جولدمان ساكس» إلى أن الشركات الصغيرة تحملت حتى يونيو الماضي أكثر من نصف تكلفة الرسوم الجمركية، بينما تكفّل المصدرون الأجانب والمستهلكون الأمريكيون بالباقي. وتوقع المحللون أن ترتفع حصة المستهلكين إلى 67% في الأشهر المقبلة مع تراجع العبء عن المستوردين.

مستقبل مُبهم للشركات الصغيرة في ظل سياسات ترامب التجارية

في الوقت نفسه، حذّر الاتحاد الأمريكي لتجارة التجزئة من أن العديد من رواد الأعمال لن يتمكنوا من الصمود أمام خطة ترامب لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي عبر الحواجز الجمركية، مؤكدًا أن الشركات الصغيرة تُكافح من أجل البقاء. ويتوقع تقرير «جلوبال بورت تراكر» للشحن الدولي انخفاضًا حادًا في واردات الولايات المتحدة بدءًا من سبتمبر المقبل، نتيجة النهج المتقلب للإدارة الأمريكية بين فرض الرسوم وإيقافها.

دعوات لتقديم إرشادات أوضح للشركات

من جانبه، دافع المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، عن سياسات ترامب التجارية، مشيرًا إلى أنها تهدف إلى إعادة كتابة قواعد التجارة العالمية وضمان وصول أكثر عدلًا لصادرات الولايات المتحدة إلى الأسواق الخارجية. لكن الأمين العام لغرفة التجارة الدولية، جون دنتون، حذّر من أن المسألة لا تتعلق فقط بارتفاع الرسوم، بل أيضًا بالاضطراب التشغيلي وحالة عدم اليقين التي قد تخلقها الإجراءات الجديدة. ودعا دنتون الإدارة الأمريكية إلى تقديم إرشادات أوضح، خصوصًا لضمان عدم إلحاق الضرر بالشركات الصغيرة بسبب البيروقراطية.