الثورة الرقمية في مصر: استثمارات ضخمة ونمو متسارع لسوق تكنولوجيا المعلومات

تشهد مصر تحولاً رقميًا متسارعًا، مدفوعًا برؤية طموحة لتعزيز البنية التحتية التكنولوجية وتوسيع نطاق الاقتصاد الرقمي. ويأتي هذا التحول في ظل دعم حكومي كبير، ومشروعات استراتيجية عملاقة، وانحسار نسبي للضغوط الاقتصادية، بحسب تقرير حديث لوكالة فيتش الأمريكية.
نمو واعد لسوق تكنولوجيا المعلومات
يتوقع أن يشهد سوق تكنولوجيا المعلومات في مصر نموًا قويًا، مدفوعًا بزيادة الاستثمارات، وتنامي الطلب المحلي، وتطور المشروعات التنموية. وتشير توقعات فيتش إلى ارتفاع حجم السوق من 3.5 مليار دولار في 2025 إلى أكثر من 9.2 مليار دولار بحلول 2031. ويرجع هذا النمو المتوقع بشكل رئيسي إلى قطاعي البرمجيات والخدمات، اللذين لا يزالان في مراحلهما الأولى، ما يجعل السوق المصري بيئة خصبة للاستثمار والتوسع.
الحكومة المصرية: محرك رئيسي للتحول الرقمي
تلعب الحكومة المصرية دورًا محوريًا في قيادة عملية التحول الرقمي، من خلال إطلاق مبادرات ومشروعات ضخمة. ففي أبريل 2025، أعلنت الحكومة عن خطة استثمارية بقيمة 13 مليار جنيه (نحو 256 مليون دولار) لتحديث البنية التحتية الرقمية، تشمل إنشاء 40 ألف برج محمول جديد، وتوسيع رقمنة الخدمات الحكومية، وتعزيز أمن الشبكات. كما تركز الخطة على تطوير الكوادر البشرية، من خلال برامج تدريب تستهدف أكثر من 600 ألف متخصص في تكنولوجيا المعلومات.
صندوق دعم الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات
في إطار مبادرة “مصر تصنع الإلكترونيات”، أطلقت مصر في 2024 صندوقًا بقيمة 300 مليون دولار لدعم الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، بالتعاون مع شركة “تسينغهوا يونيجروب” الصينية. وتهدف هذه الخطوة إلى ترسيخ مكانة مصر كمركز إقليمي في هذه المجالات التكنولوجية المتقدمة.
المدن الذكية: بنية تحتية رقمية للمستقبل
تشكل مشروعات المدن الذكية، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، ورأس الحكمة، وساوث ميد، جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية التحول الرقمي في مصر. فهذه المدن مصممة لتكون ذكية بالكامل، بالاعتماد على بنية تحتية رقمية متطورة، تشمل أنظمة إدارة مركزية، ومراكز بيانات حديثة، وشبكات ألياف ضوئية، وحلول أمان ذكية. ومن المتوقع أن تؤدي هذه المشروعات إلى زيادة الطلب على أنظمة نقاط البيع، وتقنيات إنترنت الأشياء، وبرمجيات إدارة الضيوف، وغيرها من الحلول الرقمية، خاصة في قطاعات العقارات والسياحة والخدمات.
تحول في نمط استهلاك تكنولوجيا المعلومات
أظهرت بيانات واردات تكنولوجيا المعلومات في مصر بين 2020 و2024 تحولًا كبيرًا في نمط الاستهلاك. فبينما ارتفعت واردات الأجهزة بنسبة 72%، انخفضت واردات الحواسيب المحمولة بنسبة 68%. في المقابل، قفزت واردات الشاشات ووحدات العرض من 13 مليون دولار إلى 740 مليون دولار، ما يعكس الطلب المتزايد على التطبيقات الذكية في التجزئة والأمن والمدن الذكية. كما تراجعت واردات الخوادم والأجهزة المركزية، وهو ما يشير إلى تحول المؤسسات نحو الحوسبة السحابية والخدمات المُدارة.
مصر نحو اقتصاد معرفي مستدام
تسير مصر بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كدولة ذات بنية رقمية متقدمة، من خلال الاعتماد على حلول تكنولوجية أكثر مرونة وكفاءة. ومع تنامي الشراكات الدولية، وتوافر الكوادر المؤهلة، والدعم الحكومي المستمر، تبدو مصر مهيأة للانتقال إلى اقتصاد معرفي أكثر استدامة في السنوات القادمة.