اقتصاد

الاقتصاد التشاركي: ثورة تأمينية في مصر؟

يشهد العالم تحولًا جذريًا في مفهوم الاقتصاد مع بروز الاقتصاد التشاركي، الذي يرتكز على تبادل الأصول والخدمات بين الأفراد والشركات عبر منصات إلكترونية. هذا النموذج المبتكر يتيح الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة دون الحاجة إلى الملكية الكاملة، مما يمثل نقلة نوعية في أنماط الاستهلاك والإنتاج، حيث يمكن مشاركة أي شيء تقريبًا، من السيارات إلى المساحات السكنية والخبرات.

ومنذ بداياته في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، شهد الاقتصاد التشاركي نموًا متسارعًا، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي. ففي عام 2017، توقع معهد بروكينجز بلوغه 335 مليار دولار بحلول عام 2025، قفزة هائلة من 14 مليار دولار في عام 2014. وفي عام 2022، قدرت Allied Market Research قيمته السوقية بـ 387.1 مليار دولار، لتصل إلى 450 مليار دولار في 2024، مع توقعات بوصولها إلى 827.1 مليار دولار بحلول عام 2032.

أهمية الاقتصاد التشاركي

يساهم الاقتصاد التشاركي في تعزيز الكفاءة الاقتصادية من خلال الاستخدام الأمثل للموارد، مثل تأجير السيارات غير المستخدمة أو مشاركة أماكن الإقامة الفارغة. كما يوفر فرصًا اقتصادية جديدة للأفراد لكسب دخل إضافي من خلال تأجير ممتلكاتهم أو تقديم خدماتهم عبر منصات العمل الحر أو التأجير قصير الأجل. ولا ننسى دوره في خفض التكاليف للمستهلكين، الذين يحصلون على الخدمات والمنتجات بأسعار أقل بفضل تقليل الوساطة وتكاليف التشغيل.

بالإضافة إلى ذلك، يحفز الاقتصاد التشاركي الابتكار وريادة الأعمال من خلال دعم المشاريع التكنولوجية الجديدة، مثل منصات توصيل الطعام أو مشاركة السيارات. كما يسهم في تحقيق الاستدامة البيئية من خلال تقليل الحاجة إلى إنتاج موارد جديدة، مثل تقليل عدد السيارات على الطرق وبالتالي تقليل انبعاثات الكربون. أخيرًا، يعزز العلاقات المجتمعية من خلال تسهيل التفاعل والتعاون بين الأفراد.

الاقتصاد التشاركي والتأمين: تحديات وفرص

يُحدث الاقتصاد التشاركي تحولًا كبيرًا في قطاع التأمين، مخلقًا تحديات وفرصًا جديدة. يتطلب هذا النموذج تطوير منتجات تأمينية جديدة تلبي احتياجات الأفراد المشاركين، مثل تأمين المنازل المؤجرة عبر منصات مثل Airbnb وتأمين السيارات المستخدمة في خدمات النقل التشاركي.

كما يشهد قطاع التأمين ظهور التأمين عند الطلب، حيث يحتاج الأفراد إلى تغطية قصيرة الأجل تتناسب مع فترات الاستخدام. ويواجه التأمين تحديات في تقييم المخاطر، حيث يتطلب الاقتصاد التشاركي الاعتماد على البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المستخدمين. كما يعزز استخدام التكنولوجيا في التأمين، مثل إنترنت الأشياء والعقود الذكية.

ومع ذلك، يثير الاقتصاد التشاركي تحديات قانونية وتنظيمية جديدة تتعلق بتحديد المسؤوليات في حالات الأضرار أو الحوادث. كما يزيد من الحاجة إلى التأمين ضد المخاطر السيبرانية، نظرًا لاعتماد منصات الاقتصاد التشاركي على التكنولوجيا الرقمية. في المقابل، يحفز الابتكار في صناعة التأمين من خلال تطوير حلول مرنة مثل برامج التأمين القائمة على الاشتراك الشهري أو التأمين الذكي. ويؤثر الاقتصاد التشاركي على أسعار التأمين، حيث قد تنخفض بفضل تقليل المخاطر أو ترتفع بسبب زيادة الاستخدام.

رؤية اتحاد شركات التأمين المصرية

يؤكد اتحاد شركات التأمين المصرية على أهمية مواكبة قطاع التأمين للتحول الذي يمثله الاقتصاد التشاركي، من خلال تطوير حلول تأمينية مبتكرة ومرنة. ويشدد على ضرورة التنسيق مع الجهات الرقابية والتشريعية لضمان بيئة تنظيمية داعمة. كما يرى أن الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار أساسي لتمكين شركات التأمين من دعم هذا التطور.

ويحث الاتحاد شركات التأمين على تبني استراتيجيات متطورة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والبيانات الضخمة، لتصميم منتجات تأمينية متوافقة مع متطلبات الاقتصاد التشاركي. ويؤكد على أهمية التحول من دور رد الفعل إلى دور استباقي، من خلال دمج الحلول التقنية مع خبرات إدارة مخاطر الأعمال الرقمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى