اقتصاد

الإصلاح الضريبي في مصر: خطوات جادة نحو بيئة أعمال جاذبة

في لقاء هام بمعهد التخطيط القومي، كشفت رشا عبد العال، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، عن ملامح سياسة إصلاح ضريبي شاملة تهدف إلى تعزيز الامتثال الطوعي وتوسيع القاعدة الضريبية، لبناء جسور ثقة مع مجتمع الأعمال، وتحفيز التحول نحو الاقتصاد الرسمي، في خطوة جادة لتهيئة بيئة استثمارية جاذبة وعادلة.

التحول الرقمي.. قفزة نوعية في منظومة الضرائب

أكدت عبد العال أن المصلحة قطعت شوطًا كبيرًا في التحول الرقمي، من خلال تطبيق منظومات متكاملة مثل الفاتورة الإلكترونية، والإيصال الإلكتروني، ومنظومة المرتبات، وتقديم الإقرارات إلكترونيًا، فضلًا عن الربط الإلكتروني مع 27 جهة حكومية. هذا التطور أتاح الوصول إلى قاعدة بيانات دقيقة كشفت حجم الاقتصاد غير الرسمي وساعدت في إدماجه في المنظومة الضريبية، كما تدعم المصلحة هذه الجهود بحملات ميدانية بالتعاون مع قطاعات متعددة لضمان العدالة الضريبية.

تسهيلات ضريبية غير مسبوقة لدعم المشروعات الصغيرة

وفي إطار حرصها على تيسير الإجراءات، أطلقت المصلحة حزمة تسهيلات ضريبية تشمل نظامًا ضريبيًا مبسطًا للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها 20 مليون جنيه سنويًا، بموجب القانون رقم 6 لسنة 2025. يوفر هذا النظام إعفاءات ضريبية متعددة، وإلغاء الفحص الضريبي لخمس سنوات بعد الانضمام، بالإضافة إلى تطبيق مبدأ “عفا الله عما سلف”، مع تقديم إقرارات ضريبة دخل بنسبة ثابتة تتراوح بين 0.4% و 1.5% من رقم الأعمال السنوي. هذه التسهيلات أسهمت في تغيير الصورة الذهنية عن المنظومة الضريبية، وشجعت آلاف الكيانات على الانضمام.

تمكين المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر

تستهدف المصلحة دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من خلال برامج توعية وتدريب بالتعاون مع جهاز تنمية المشروعات، مع توفير نظام ضريبي سهل وواضح يشجع على الانضمام للاقتصاد الرسمي، بما يسمح لهم بالاستفادة من التمويل والدعم الحكومي. كما تُقدم وزارة المالية ومصلحة الضرائب كل الدعم لهذه الفئة من خلال تسهيل انضمامهم لمنظومتي الفاتورة والإيصال الإلكترونيين، وتقديم المساعدة في استخراج التوقيع الإلكتروني، وتخصيص فرق دعم للتواصل المباشر معهم.

تحسين مناخ الاستثمار ودمج التجارة الإلكترونية

أشارت عبد العال إلى قانون رقم 159 لسنة 2023 الذي ألغى الإعفاءات الضريبية لبعض الكيانات، مؤكدةً على مبدأ الحياد التنافسي بين جميع الأنشطة الاقتصادية. كما أبرزت نجاح دمج التجارة الإلكترونية في المنظومة الضريبية، من خلال إنشاء وحدة متخصصة بذلت جهودًا كبيرة في ضم مزاولي الأنشطة التجارية والمهنية عبر الإنترنت، بما في ذلك صناع المحتوى والبائعين عبر المنصات الإلكترونية. واعتمدت المصلحة منهج التوعية والإقناع في تعاملها مع هذا الملف، وعملت على دمج المنصات العالمية من خلال نظام تسجيل ضريبي مبسط.

التوازن بين الكفاءة والعدالة الاجتماعية

تهدف الإصلاحات إلى تحقيق التوازن بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، من خلال نظام ضريبي تصاعدي يحمي الفئات الأقل دخلًا، ويدعم المشروعات الناشئة ورواد الأعمال. وفي كلمته خلال اللقاء، أشاد الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق للشئون الاقتصادية، بجهود مصلحة الضرائب، مؤكدًا على أهمية وضوح الرؤية للمستثمرين فيما يتعلق بالرسوم والضرائب، وأن تكون الإعفاءات الضريبية محددة المدة ولها أهداف واضحة، داعيًا إلى إعادة بناء جسور الثقة بين الدولة والمجتمع الضريبي.

حضر اللقاء نخبة من الوزراء والأكاديميين والخبراء، بمن فيهم الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط الأسبق ورئيس معهد التخطيط القومي، والدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق، وعدد من الشخصيات البارزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى