صندوق النقد الدولي ومصر: رحلة نحو اقتصاد أقوى وأكثر مرونة

أحرزت مصر تقدمًا ملموسًا في رحلتها نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي وتعزيز النمو، وفقًا لتقرير نشره صندوق النقد الدولي. يشهد التضخم تراجعًا، وتساهم الإدارة المالية، خاصةً من خلال تحسين الرقابة على الاستثمار العام، في احتواء ضغوط الطلب.
ومع ترسخ الاستقرار، ينصب التركيز الآن على تسريع وتعميق الإصلاحات الهيكلية، وذلك من خلال إصلاحات تهدف إلى تحقيق تكافؤ الفرص وتطبيق سياسة ملكية الدولة عبر التنفيذ الحاسم لبرنامج سحب الاستثمارات.
أهداف برنامج صندوق النقد الدولي في مصر
يرتكز برنامج صندوق النقد الدولي في مصر على أربعة أهداف رئيسية لضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي وتحفيز النمو بقيادة القطاع الخاص:
- التحول المستدام نحو سعر صرف مرن: يسمح للاقتصاد المصري بالتكيف مع الصدمات الخارجية، ويدعم قدرة الشركات على التصدير، ويشجع الاستثمار.
- تشديد السياسات النقدية والمالية: يساهم في خفض التضخم والحفاظ على استدامة الدين، وتعتبر إدارة تدفقات رأس المال أمرًا حاسمًا لاحتواء الضغوط التضخمية.
- دعم الأسر الضعيفة: يُعد الدعم الموجه للأسر الضعيفة ضروريًا للتخفيف من تأثير التضخم، ويتطلب حماية المخصصات في الميزانية.
- تحسين التوازن بين القطاعين العام والخاص: التركيز على تعزيز المنافسة وإتاحة دور أكبر للقطاع الخاص في دفع عجلة النمو وخلق فرص عمل.
مرونة سعر الصرف: مفتاح النمو
لم يُجدِ نظام سعر الصرف المُدار نفعًا للاقتصاد المصري في الماضي، بل أدى إلى اختلالات ونقص في العملات الأجنبية وانخفاضات مفاجئة في قيمة الجنيه المصري، مما أثر سلبًا على النشاط الاقتصادي.
يهدف البرنامج المدعوم من الصندوق إلى تحول مستدام نحو سعر صرف مرن، حيث يتحدد سعر الجنيه بحرية مقابل العملات الأخرى، وفقًا للظروف الاقتصادية.
قامت السلطات المصرية بتوحيد سعر الصرف في السوقين الرسمية والموازية، لتوفير النقد الأجنبي للجميع بسعر صرف واحد. ستعود مرونة سعر الصرف بالفائدة على الاقتصاد المصري، من خلال دعم الصادرات وتشجيع الاستثمار.
حماية اجتماعية في ظل الإصلاحات
يُعطي البرنامج المدعوم من صندوق النقد الدولي أولويةً لحماية الفئات الأكثر ضعفًا ودعم الطبقة المتوسطة. في ظل ارتفاع التضخم، يتم التركيز على الحفاظ على مساحة للإنفاق الاجتماعي الأساسي، مع المضي قدمًا في الإصلاحات الداعمة للنمو.
تم توسيع نطاق برنامج تكافل وكرامة ليشمل أكثر من 5 ملايين أسرة، وقدمت حزم دعم اجتماعي شملت زيادات في الحد الأدنى للأجور. تهدف السياسة المالية المُعاد صياغتها إلى إفساح المجال لهذه البرامج مع الحفاظ على استدامة الدين.
تركز السياسة النقدية على خفض التضخم، الذي يؤثر بشكل كبير على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط. سيؤدي خفض التضخم إلى تحسين القدرة الشرائية للأسر.
دعم القطاع الخاص: محرك النمو
تُعد سياسة ملكية الدولة حجر الزاوية في سياسات دعم القطاع الخاص. يهدف التنفيذ الحاسم لهذه السياسة إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد، من خلال تقليص دور الدولة وتحقيق تكافؤ الفرص.
تم الشروع في بعض الإصلاحات، مثل إلغاء الإعفاءات الضريبية للشركات المملوكة للدولة. يُشدد الصندوق على ضرورة المضي قدمًا في خطط سحب استثمارات الشركات المملوكة للدولة من القطاعات التنافسية، وتعزيز الشفافية.
دور الإصلاحات الضريبية
تعمل مصر على تطبيق إصلاحات ضريبية لتحسين الكفاءة والعدالة والشفافية، بما في ذلك توسيع قاعدة ضريبة القيمة المضافة، وتبسيط الإعفاءات الضريبية، وتحديث إدارة الضرائب والجمارك.
تأثير الأزمات الإقليمية
تُعد عائدات السياحة وقناة السويس مصدرين رئيسيين للعملة الأجنبية في مصر. تأثرت هذه المصادر سلبًا بسبب الأزمات الإقليمية، مما يُؤثر على تدفقات النقد الأجنبي ويُؤدي إلى ضغوط تضخمية.
إدارة الدين العام
تركز الاستراتيجية الاقتصادية للبرنامج على خفض الدين العام من خلال الانضباط المالي، واستخدام عائدات التخارج، وحشد المزيد من الإيرادات لدعم الإنفاق ذي الأولوية.
الشفافية المالية
يتضمن البرنامج تدابير لتعزيز الشفافية المالية، بما في ذلك تحسين رصد استثمارات القطاع العام، ونشر عقود المشتريات العامة، ونشر تقرير شامل عن النفقات الضريبية.
إصلاح دعم الطاقة
يهدف البرنامج إلى إصلاح دعم الوقود والكهرباء من خلال زيادة تدريجية وشفافة في أسعار التجزئة، لمنع عودة الدعم الكبير غير الموجّه، وخلق مساحة مالية للتحويلات الاجتماعية.
المراجعة الخامسة والسادسة
لاحظ صندوق النقد الدولي استمرار التقدم في إطار برنامج الإصلاح، بما في ذلك تحسن معدلات التضخم واحتياطيات النقد الأجنبي. سيتم دمج المراجعتين الخامسة والسادسة في إطار تسهيل الصندوق الممدد، ومن المتوقع استكمالهما في الخريف.